الاثنين، 4 ديسمبر 2017

الطوافة والمطوفين .. تاريخ عريق لمهنة شريفة


أحمد صالح حلبي* 
 (( تم نشر المحتوى بمدونة مطوفون ونفتخر لحفظ الحقوق الأدبيه للكاتب الصحفي المطوف الاستاذ \ احمد صالح حلبي
ونتقدم له نحن إدارة المدونة بالأصالة عن أنفسنا و بالنيابة عن الأخوة والأخوات بملتقى مطوفون ونفتخر بكل الشكر
والإمتنان أن خصنا بهذه المعلومات عن مهنة الطوافه العريقة ))



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، محمد ابن عبدالله الذي حمل الرسالة وأدى الأمانة وهدى الأمة .

كثر الحديث خلال الفترة الحالية عن الطوافة والمطوفين ومؤسساتهم ، واعتقد الكثيرون أن الطوافة وظيفة تؤدى ، وأن ظهورها بدأ مع نشأت المؤسسات ، وهذا ما ترسخ بكل آسف لدى الناشئة من المطوفين والمطوفات وغيرهم ، وقد لمست هذا  كواقع مشاهد خلال مشاركتي بندوة " الحاج وصحة البيئة " التي نظمتها كلية الطب بجامعة أم القرى الأسبوع الماضي . 
وقبل الخوض في تفاصيل الطوافة وأنظمتها ، ورغبة في ايصال المعلومة بشكل جيد والحديث عن الطوافة كمهنة والمطوفين كمتوارثين لها ، برزت  فكرة تنظيم هذا اللقاء الذي سيكون مكتوبا ومسموعا ، ليكون لقاءا  جامعا شاملا تطرح فيه المعلومة ، وسيتم اختيار يوم خاص  للنقاش والاجابة على كل سؤال حول ما طرح اليوم ، فالهدف هو ايصال المعلومة الكاملة عن الطوافة ومن ثم التطرق للحديث عن أنظمتها . 
وبناء على ما طرحه البعض من الاخوة والأخوات الأفاضل المطوفين والمطوفات ، سيكون حديثي منصبا في بدايته  بالتعريف بالطوافة كمهنة " متوارثة يقوم بها أشخاص معروفون بمكة المكرمة منذ مئات السنين ، والمطوفون أفراد توارثوا 
هذه المهنة جيلاً بعد جيل " .
ومن ثم الانتقال للتعريف بالمطوف ، وهنا أقول ان العديد من المراجع التاريخية أوضحت أن " المطوف هو مرشد الحجاج إلى مناسك حجهم ، وهو من يعمل على توفير الخدمات لهم منذ وصولهم إلى مكة المكرمة حتى مغادرتهم لها " . 
وليس التعريف بالمطوف والطوافة كافيان ، فلابد من توثيق تاريخ هذه المهنة العريقة من خلال المصادر التاريخية التي أشارت إلى أن أول ظهور للطوافة كان في عام 884 هـ  على يد القاضي إبراهيم بن ظهيرة ، حيث  كلف بتطويف السلطان قايتباي أحد سلاطين الشراكسة ، وظلت الطوافة منذ ذلك التاريخ داخل قطاع القضاة حتى عام 923 هـ  حيث خرجت إلى الوجهاء ، وقد أشار إلى ذلك الأستاذ / أحمد السباعي مؤلف كتاب " تاريخ مكة " ، اذ تحدث عن محمد المياس الذي كان من أعيان مكة المكرمة وأحد وجهائها، والذي قام بتطويف أمير الترك " قانصوه باشا" الذي حج عام 1039هــ ، وبين أن أمراء مكة المكرمة كانوا يصدرون ما يعرف بالتقارير والتي يخصصون فيها مدناً محددة لحجاج معروفين، وقد شهدت التقارير عمليات إلغاء وإعادة على مر السنين 
والحديث عن التقارير يطول ويتشعب ، ففضلت البعد عنه اختصارا للوقت والجهد ، فما أريده هو ايصال معلومة تبقى وتترسخ لتكون جوابا سريعا لكل من يسأل عن الطوافة والمطوفين .
واستمرت الطوافة كمهنة حتى بداية العهد السعودي حيث أصدر  الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ يرحمه الله ـ  في عام 1343 هـ أمره بالإبقاء على الطوافة كمهنة منحصرة لأبناء مكة المكرمة وجاء في المادة الرابعة من المرسوم الملكي المنشور بجريدة أم القرى بعددها الأول الصادر يوم الجمعة الموافق 15 جمادى الأولى 1343هــ  تحت عنوان (هذا بلاغ) ليشكل الضامن لمهنة الطوافة واستمراريتها فقد نصت المادة الرابعة منه على ما يلي: " كل من كان من العلماء في هذه الديار أو موظفي الحرم الشريف أو المطوفين ذو راتب معين فهو له على ما كان عليه من قبل إن لم نزده فلا ننقصه شيئا إلا رجلا أقام الناس عليه الحجة انه لا يصلح لما هو قائم عليه. فذلك ممنوع مما كان له من قبل وكذلك كل من كان له حق ثابت سابق في بيت مال المسلمين أعطيناه منه ولم ننقصه منه شيئا " .
وجاءت الخطوة الأولى لتنظيم الطوافة وتعريف مهامها في العهد السعودي بصدور نظام إدارة الحج في العشرين من ربيع الأول عام 1345هـ الذي حدد مهام وواجبات المطوفين والزمازمة والمخرجين والمقومين ووكلاء المطوفين بجدة ونقباء جدة ووكلاء المدينة المنورة إضافة إلى وظائف إدارة الصحة العامة وواجبات الحجاج.
وللوصول إلى المزيد من التنظيم والتطوير لخدمات الحجاج صدر المرسوم الملكي رقم 54/1/39 وتاريخ 23/2/1355هـ 
 بتنظيم أعمال المطوفين وتحديد مهامهم ومسئولياتهم.
وجاء المرسوم الملكي رقم 14518 وتاريخ 21/10/1365هـ  بالموافقة على نظام وكلاء المطوفين ومشايخ الجاوة ليضيف اهتماما آخر لمهنة الطوافة في العهد السعودي ويدخلها مرحلة التطوير العملي والتنظيم الجيد للخدمات بعد أن تم إنشاء المديرية العامة للحج في نفس العام لتكون عملية خدمات الحجاج أكثر تنظيما.
وتضمنت مهام المديرية  استقبال الحجاج وتيسير إجراءات إقامتهم وسكنهم وتنقلاتهم وقامت بإنشاء مخيمات لاستراحة الحجاج في المدينة المنورة وجدة وقد بلغت ميزانيتها خلال ذلك العام (387570) ولم يكن مثل هذا الأمر مألوفا لدى الحجاج من قبل.
ثم صدر المرسوم الملكي رقم 7267 وتاريخ 3/11/1367هــ  المصادق على نظام المطوفين العام معتبرا الطوافة " عبارة عن وظائف معينة يؤديها كل مطوف ثبتت معلمانيته بمقتضى تعليماتها المخصوصة وهو دليل الحاج في مناسكه وجميع ما يتعلق بالحج وهو المسئول عنه ضمن اختصاصه بموجب هذا النظام " 
واستبقى النظام على تقسيم المطوفين إلى ثلاث طوائف هي:
1 - طائفة المطوفين وتشمل مطوفي العرب والفرس والأتراك والأفارقة .
2 - طائفة مطوفي الهند والباكستان.
3 - طائفة مشايخ الجاوة.
واعتبر النظام " كل نسل المعلمين لظهورهم معلمون وما كان لآبائهم يكون لهم " .. وبذلك يكون الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - قد أبقى الطوافة داخل أبنائها وأكد استمراريتها وعمل على تطويرها.
وأعطيت الطوافة صفة المهنة في طلبات السفر إلى الخارج عام 1368هـ  أي بعد صدور نظام المطوفين بعام واحد.
وشهد عام 1371هـ  صدور المرسوم الملكي بإلغاء الرسوم التي تؤخذ على الحجاج باسم رسوم الحج والإبقاء على عوائد أرباب الطوائف
 (المطوفين - الوكلاء - الادلاء - الزمازمة).
وفي غرة صفر من عام 1372هــ  صدر الأمر السامي الكريم رقم 150 متضمنا المزيد من التنظيم والتطوير للمديرية العامة للحج وكانت هناك دوائر ذات ارتباط بها وهي:
نقابة السيارات.
هيئة تمييز قضايا المطوفين بمكة المكرمة
هيئة المراقبة بجدة.
رؤساء المطوفين وهيئاتهم بجدة.
هيئة الادلاء بالمدينة المنورة.
رؤساء الزمازمة.
وفي عام 1375هــ  وبتأييد من الملك فيصل بن عبدالعزيز - يرحمه الله - وكان وليا للعهد نالت المديرية العامة للحج المزيد من الدعم والتنظيم فجاءت الإدارة العامة للحج ومقرها الرئيسي بجدة.
وشهد عام 1383هــ  صدور قرار مجلس الوزراء رقم 54 وتاريخ 27/12/1385هـ  بإصلاح وتطوير هيئات الطوائف وخدمات الحجاج.
فيما شهد عام 1385هـ  صدور المرسوم الملكي رقم 12/م وتاريخ 9/5/1385هــ  بحل التقارير وإلغاء هيئات المطوفين الثلاث ومنح الحاج الحرية في السؤال عن المطوف الذي يريده وأحقية المطوف في خدمة الحجاج الذين يسالون عنه فظهر على اثر ذلك ما عرف بنظام السؤال.
أعقبه صدور قرار مجلس الوزراء رقم 347 وتاريخ 26/6/1385هـ  والقرار الوزاري رقم 30/ق وتاريخ 27/10/1385هــ  بتحديد اختصاصات مكاتب الطوائف وهيئاتها من خلال إنشاء الهيئة العليا للطوائف والهيئات الابتدائية للمطوفين والوكلاء والزمازمة والادلاء.
وفي عام 1395هــ  الغي نظام السؤال وأبدل بنظام التوزيع حيث صنف المطوفون إلى ست فئات هي:

1 - مطوفو الدول العربية

2 - مطوفو تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا

3  - مطوفو الهند والباكستان

4 - مطوفو إيران

5 - مطوفو إفريقيا غير العربية

6 - مطوفو جنوب شرق آسيا

ووزع لكل مطوف متوسط يمثل عدد من يخدمهم من الحجاج وحدد سقف أعلى بــ  3000 حاج وحد أدنى بــ  100 حاج.
وطبق في عام 1398هــ  نظام الجمع بين السؤال والتوزيع والذي منح الحاج حرية السؤال عن المطوف الذي يريده وحدد للمطوف خدمة عدد من الحجاج.
كما صدر في نفس العام المرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 4/3/1398هـ  المتضمن الترخيص لوزير الحج والأوقاف بوضع اللوائح التنظيمية التي يتم بموجبها منح الرخص الجديدة متضمنة شروط قيام مؤسسات الطوافة الجديدة طبقا للأنظمة التجارية وفتح باب الانفصال.
وتاريخيا وعمليا يعتبر عام 1398 هـ  هو بداية عهد مؤسسات الطوافة ، اذ أنشئت في هذا العام مؤسسة مسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا ، والتي تعتبر أول مؤسسة طوافة ، وكان مقرها في مسيال الهرساني بالمسفلة . 
وفي عام 1399هـ  صدر المرسوم الملكي رقم 4/ص/13162 وتاريخ 13/6/1399هـ  بالموافقة على فكرة إقامة مؤسسات تجريبية لرفع مستوى مهنة الطوافة وخدمات الحجاج.
وتنفيذا للمرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 4/3/1398هـ  صدر القرار الوزاري رقم 423/ق/م وتاريخ 3/11/1402هـ  متضمنا اللائحة التنظيمية للانفصال بين الشركاء في الطوافة على أن ينطبق في طالب الانفصال ما تضمنه قرار مجلس الوزراء رقم 284 وتاريخ 27/2/1398هــ  وكذا ما تضمنه المرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 4/3/1398هــ  .
كما صدر القرار الوزاري رقم 19/ق/م وتاريخ 13/2/1403هــ  بإجازة انفصال الأنثى الشريكة في الطوافة عن شركائها إذا توافرت فيها الشروط المطلوبة في طالب الانفصال وبشرط أن يكون لها ولد أو زوج قادر على العمل ومتمرس على شؤون الحجاج وبتوكيل شرعي معتمد.
وان كان المرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 4/3/3/1398هــ  المبني على قرار مجلس الوزراء رقم 284 وتاريخ 27/2/1398هـ  قد أشار إلى قيام مؤسسات للطوافة فان فكرة بروز المؤسسات استهدفت الانتقال من العمل الفردي الذي ألفه المطوفون إلى عمل جماعي منظم يستخدم الأسلوب العلمي وهذا ما سعت إليه وزارة الحج
 ( والأوقاف ) منذ بروز مؤسسة مسلمي أوروبا وأمريكا عام 1398 هــ   
كأول مؤسسة للطوافة غير انه لم يكتب لها النجاح لعدة أسباب لعل أبرزها أن عدد مطوفيها لا يتجاوز الخمسة مطوفين كما وان مجموع حجاجها 
لا يزيد عن خمسة آلاف حاج.
ولتدعيم فكرة المؤسسات عمليا عمدت الوزارة إلى إدخال مطوفي حجاج تركيا في نطاق المؤسسة فصدر القرار الوزاري رقم 444/ق/م وتاريخ 18/11/1402هـ  بإنشاء المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا تلا ذلك صدور موافقة معالي الوزير على إضافة اسم قارة (استراليا) لاسمها لتصبح المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا واستراليا.
وظهرت في عام 1403هـ  المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج إيران والمؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج جنوب آسيا.
وفي عام 1404هــ  برزت مؤسستان الأولى المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول الإفريقية غير العربية والثانية المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج جنوب شرق آسيا.
واكتمل عقد إنشاء مؤسسات الطوافة بإنشاء المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية عام 1405هـ  لتدخل بذلك خدمات الحجاج داخل منظومة العمل المؤسساتي.
هذه لمحة بسيطة  عن الطوافة ، أردت منها أن تكون جرعة خفيفة وموثقة ، راجيا أن أكون قد وفقت في جمع موادها وطرحها بشكل يمكن الجميع من الاستفادة منها . 
وان اخطأت في سرد أو أخفقت في رد ، فالمعذرة في التقصير والعفو على التجاوز . 
مطوف بمؤسسة مطوفي حجاج تركيا 
ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق